السبت، 4 يوليو 2015

الوصايا العشر، وخرافة الصراط المستقيم !!



الوصايا العشر أو Ten Commandments  هي أرفع الآثار الموسوية وأبرزها في التراث اليهودي والمسيحي تلقفها موسى منقوشة على لوحي الشريعة بجبل حوريب. تسمى في اللغة العبرية الكلمات العشر (עשרת הדברים) وتعني الأمثال العشرة أو المسائل العشرة. وفي العهد الجديد, نجد التأكيد عليها حين سُئل المسيح أي عمل صالح أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ أجاب "احفظ الوصايا" حيث اعتبرت خلاصة القوانين الأساسية للتصرف الإنساني.

لقد وجدت (الوصايا) التي تمثل القيم الإنسانية في العهدين القديم والجديد ولكن لا نكاد نعرفها في أدبيات الفكر الاسلامي !! بل لا يكاد يذكرها الفقهاء في كتبهم او على منابرهم !! أليس الإسلام امتدادا لتلك الملل!! إذاً.. أين الوصايا العشر  في كتاب الله؟ وإن كانت موجودة، فلماذا تم تهميشها بالكامل واعتبارها كإحدى وصايا لقمان لإبنه ؟!!
لو قمنا بفتح المصحف الشريف على سورة الانعام لوجدنا ثلاث آيات تشير بدلالة واضحة لا تدعوا مجالا للشك أنها هي الوصايا العشر !!!
الآية١٥١ توصينا بعدم ارتكاب محرمات خمس :
1) أن لا تشرك بالله شيئاً , 2) أن لا تعق والديك 3) أن لا تقتل أولادكم خشية الفقر 4) أن لا تقرب الفواحش 5) أن لا تقتل النفس التي حرم الله, وتنتهي اللآية بقوله تعالى (ذلكم وصاكم به) لعلكم (تعقلون)
الآية١٥٢تأتي بمحرمات أربع:
1) أن  لا تأكل مال اليتيم 2) أن لا تغش في البيع  3) أن لا تكذب  4) وأن لا تخون العهد , ومن ثم يتكرر التوجيه (ذلكم وصاكم به) ولكن بدعوى التذكير (لعلكم تذكرون)
وآخر الوصايا في الآية ١٥٣ هو ربط هذا كله بتقوى الله وتشير بشكل واضح وصريح انه هذه الوصايا هي (الصراط المستقيم) !!! (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

نلاحظ أولا تكرار قوله تعالى (وصاكم به) بعد كل آية حسب ما يربطها من متطلب ذهني , حيث ربط وصايا الآية الأولى العقل (أفلا تعقلون) فلا تحتاج منك إلا أن تعقلها وما يخالفها إلا غير العاقل .
أما وصايا الآية الثانية (152) (عدم أكل مال اليتيم طوال فترة طفولته حتى يبلغ سن الرشد, الوفاء بالمكاييل والموازين ,  الصدق وقول الحق وعدم الكذب , الوفاء بالمعاهدات ) فتحتاج الى تذكر ولذلك ختمت بقوله تعالى  (لعلكم تذكرون).
ثانيا يلاحظ ان الوصايا العشر في العهد القديم متطابقة إلى حد كبير مع ما يسمى في ملتنا بالصراط المستقيم (منظومة القيم)
فهي قيم أخلاقية عليا لا يختلف عليها اثنان و لا يتشاور عليها برلمان، فمن لا يريد الصدق والأمانة والوفاء بالمعاهدات؟!!

لكننا في الإسلام (الذي اختطفه أهل التراث) نجد أن مفهوم الوصايا العشر والقيم العليا قد طمست تماما وأخذ الصراط المستقيم مفهوما مختلفا في الاحاديث!! فمن مجموعة قيم عليا في معنى الصراط المستقيم إلى جسر معلق وقصة رعب لا تخدم الوعي الانساني وتزرع الرهاب وتفقدنا الثقة بالله عز وجل.

فنجد في الأحاديث التي نسبت زورا وبهتانا للنبي الكريم أن الصراط هو جسر معلق على النار ادق من الشعره و أحد من السيف عليه كلاليب وخطاطيف! و أن كل ابن آدم (إلا واردها) فمنا من يعبر كالبرق ومنا من يحبو ومنا من يزحف وكلٌ حسب عمله!! وما إلى ذلك من سيناريوهات مفجعه ومغرقة في السوداوية. فمن أين أتت هذه النظريات المجنونة للحياة الآخرة؟!
في الحقيقة أننا نجد تشابها كبيرا جدا بين صراط أهل التراث وجسر شينفات (Chinvat) المذكور في كتاب الديانة الزرادشتية المقدس (أفيستا)  !! حيث يتحدث عن جسر فاصل بين عالم الأحياء و عالم الأموات. يمر الجميع عبر هذا الجسر عند الوفاة. فإذا كان الشخص من الأشرار ، سيضيق عليه الجسر ويخرج شيطان ليسحب روحه الي مكان العقاب الابدي وإذا كان الشخص من الاخيّار سيتسع الجسر بما فيه الكفاية ليعبر هذا الشخص بكل سلام!! وبعد أن يتجاوزه الزرادشتي الصالح سيخلد في الجنة إلى جانب الإله أهورا مزدا العظيم والنبي زرادشت المخلص في حين ان الشرير سيخلد في النار إلى جانب الشياطين.

يتضح لنا هنا مدى التطابق في الروايتين وان القول بان الصراط هو ذلك الجسر الذي يمر فوق جهنم خرافة من الخرافات الزرادشتية التي تم دسها في مرويات جمعها أناس قدموا من تلك البلاد -أوزباكستان (البخاري)  ونيسابور إيران (مسلم) وتركمانستان (النسائي) - حيث نسبوها الى النبي من اجل اضفاء القدسية عليها و حتى تكون من الثوابت و المسلمات التي لا جدال فيها. ولا غرابة في ذلك، فتجارة الأحاديث التي راجت في سوق بني أمية وبنو العباس جعلت من الكذب وسيلة مربحة لكسب الدراهم على حساب رسول الله.

إن الصراط عند أهل التراث بلا هدف حقيقي للمجتمعات الانسانية بل مجرد قصص رعب تهدف الى زرع الخوف الذي يعطل العقل حتى تجثوا على ركبتيك عند رجال الدين لطلب فتوى تنجيك من عذاب القبر وسؤال الملكلين وجسر الصراط المعلق على النار . إن تلك الروايات عن  جسر الصراط سواء كانت شيعية أو  سنية ما هي إلا تهريج مضحك يشبه إلى حد كبير سلسلة أفلام سيد الخواتم وفانتازيا الخيال العلمي .


إن صراط ربي المستقيم (في كتابه الكريم) أصدق بيانا واكثر منطقية مما ألفينا عليه آبائنا، ومازالت مجتمعات إنسانية الى يومنا لا تعرف الاسلام ولكنها تقوم حضارتها على هذه القيم الأخلاقية العليا،  أما نحن وإلى الآن فمازلنا نعيش بأفلام مشائخ الظلام.


في أمان الله.

المراجع:
1. القرءان الكريم .
2. الحقيقة من حقائق القرآن المسكوت عنها. نيازي عز الدين/ مكتبة مدبولي 2007م.
3. الإسلام والإيمان: منظومة القيم، محمد شحرور، دار الأهالي - سوريا 1996م
4. زرادشت والزرادشتيه. الشفيع الماحي أحمد / قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود 2001م.
5. اضلال الأمة بفقه الأئمة (بدعة الصراط المستقيم بالآخرة) ، مدونة أحمد عبده ماهر الرابط :
http://ahmadmahr.blogspot.com/2011/12/blog-post_9941.html


هناك 13 تعليقًا:

  1. شكراً لويس لكن كيف مانصدق الأحاديث المثبت بسند قوي يعني أنا مؤمنه بالقران وأنه كامل، لكن أخاف من أنه يكون فيه حديث ثابت عن الرسول عن تحريم شيء وأنا أقول مثلا ان الأحاديث ظنية الثبوت، وهكذا أتبع هوى نفسي؟ أنا مقتنعه بكثير من كلامك و تحليلك لكن عندي خوف

    ردحذف
    الردود
    1. نفس الكلام، اتمنى الرد استاذ لويس

      حذف
    2. الأخت ايمان مرحبا بك وعذرا لتأخري في الرد
      أولا لن تسألي إلا عما حفظه الله لك وهو كتاب الله طبعا ..
      أما أنك تخافين اتباع الظن فذلك لن يتحقق الى بإتباع الأحادث الظنية وهذا ما قاله الله تعالى (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى).
      أهل الرويات البشرية يحتجون بتفصيلات ألفوا عليها آباؤهم الأولون وجعلوها حجة على كتاب الله تعالى، في حين أن الله أنزل الكتاب مفصلا ، وما فُصل زيادة من البشر لسنا ملزمين بها، يقول تعالى (أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا) هذا دليل واضح أننا لا نحتاج الى كتاب غير كتاب الله ولا وحي لرسول الله غير القرآن
      نصيحتي أختي الكريمة..
      لا تنكري الأحاديث بالجملة فهي إرث تاريخي عظيم ومنه تؤخذ الأسوة الحسنة ولكم بشرط .. أن تعرض على كتاب الله فما وجد في القرآن أخذنا به وما خالف كلام الله نرفضه جملة وتفصيلا ونرفع من مقام النبوة ان يخالف محمد بن عبدالله كلام ربه وهو الذي يعلم جيداً قوله تعالى فيه (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين) صدق الله العظيم

      حذف
    3. لم ارى افضل من هذا الكلام , شكرا

      حذف
  2. السلام عليكم
    أشكرك على مجهودك الجلي وأرغب في أن أسأل عن رأيك في الأحاديث القُدسية. هل تعتقد أنها صحيحة أو أنه ينطبق عليها ما ينطبق على الأحاديث النبوية من العرض على كتاب الله؟

    ردحذف
  3. جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوةقا

    ردحذف
  4. بالله عليك اخى ,, ما هو حكام امامه المراة للصلاه .. وهل ورد فى القراءن بخصوص الاماه شئ

    ردحذف
  5. شكراُ لويس. هناك مذاهب عدة تنكر هذا المفهوم للصراط كالإباضية مثلاً.
    وكما قال الإمام السالمي:
    ولا الصِّـراطُ بجـسرٍ مثلَ ما زعموا
    وأنـهُ مَـن أطـاع اللهَ يُـدْخِـلُهُ
    ومَـن عصـاهُ فـفي النيران مسكنُهُ

    ردحذف
  6. {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فتستبقوا الصراط فانى يبصرون}دليل واضح على وجود الصراط

    انت اطلت في كلامك وتاتي بادلة من كتب اخرى ولكن السؤال هل اذا ورد شيء في كتاب من الكتب الدينية الاخرى يجب عليه ان يخالف معتقدنا؟؟؟

    لكن في نفس الوقت انت ذكرت الوصايا العشر في التوراة فهل هذا معناه ان الوصايا التي في سورتي الانعام والاسراء تلفيق ومدسوسة لانها تكررت في التوراة؟؟؟

    بالتأكيد الاجابة لا؛ فجميع الكتب التي تعرضت للتحريف مازال متبقي منها بعض الاثار الصحيحة

    لكنك اطلت الكلام وقلت ان الصراط خرافة وردت الاحاديث وسببت في رواة الحديث واتهمتهم بانهم لفقوا هذا الحديث ..

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الكريم الأية التي تستشهد بها ليس لها اي علاقة بالصراط المستقيم. ولا تثبت وجود الصراط الوهمي الموجود في السيرة. الصراط في هذه الأية جاء بمعنى الطريق. والله عز وجل يضرب لنا مثل في الآية عن رحمته أنه لديه القدره على أن يعمي الظالمين عن طريق الهدى والحق ولكنه برحمته لا يفعل ذلك حتى يحق عليهم الحساب والعقاب والعذاب وبالرغم من ذلك يضلوا بسبب هواهم.

      راجع التفسير للآية على الرابط التالي
      http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura36-aya66.html

      ندعوا الله لك بالهداية

      حذف
  7. الصراط في هذه الاية بمعنى الطريق الصحيح هي الهداية ليس الصراط ذلك الممر في الاخرة

    ردحذف