الاثنين، 29 يونيو 2015

هل القرآن كتاب مقدس أم موروث ثقافي ؟




كلما قرأت كتاب الله أشعر بلا حول لي و لا قوة إنني المخاطب الوحيد فيه !!
وأنني الوحيد المسئول عن تأويله
ولن يكون معي شفعاء من دونه
ولا دليل لفهمه ككتب التفسير التراثية
وأنني أعلم تماما أنني لو فهمت القرآن على أساس فهم السابقين لأصبح كتابا تراثياً او موروث ثقافياً
ولذلك أقول متأسفاً أن واقع قرآننا الحالي هو بالفعل"تراث" بل ومهجورا أيضا!!
فهل نحن المعنيون في قوله تعالى على لسان رسوله الكريم
(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)!!!
أعتقد أن السبب واضح
إذ أننا فشلنا في أن نكون أمه محترمة نترجم كتابنا المقدس لواقعنا المعاصر و بقاعدتنا المعرفيه المهولة فكتاب الله لكل زمان ومكان وهذا إعجاز بحد ذاته والرجوع الى كتب التراث وإعتماد تفاسير قام بها رجال منذ مئات السنين بقاعدتهم المعرفية الخاصه بهم يعتبر ذلك ظلماً بحق أمتنا وعصرنا هذا. وما نسمعه بين الفينة والآخرى من إكتشافات لآيات الإعجاز العلمي في كتاب الله إلا محاولات خجولة تواجه بكثير من النقد و المعارضة بين الحين والآخر. 
ولكي نتعامل مع القرآن لابد أن ننظر إليه على أنه كتاب صادر عن "حــــــــــي" إلى أحيييييييييييييياء.
لأن  الله جعل القرآن محفوظا الى يوم الدين وجعله لكل الناس وليس حكراً على فئة معينة أو طائفة معينة من علية القوم!! لذلك لم يخصص الله من هم المطالبون بتدبر كتاب الله في قوله ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ). ولم يحدد لمن يسر القرآن عندما قال (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي أن القرآن يسره الله لي و لك. و كما أننا نعلم أن الله تعهد بحفظ القرآن وأن ذلك يجعل اللبيب منا يتسائل...
لماذا جعل الله كتابه المقدس "محفوظا " لي و لك ولكل الناسفي كل العصور؟!! هل لنكتفي بتفسير أقوام نشأوا في زمن مختلف تماماً عن واقعنا.

لذا ...
أقول أن ما قام به علماء المسلمون من إجتهادات في زمنهم قائم على قاعدتهم المعرفية والتي وبطبيعة الحال لم تكن كقاعدتنا المعرفية الهائلة. فمايملكه طالب مدرسة ثانوبة من معرفة في قواعد الرياضيات يوازي ما كان يعرفه الخوارزمي في عصره ( 781- 845 ) .
وأن ما يتعلمه طالب الطب في مرحلته الأولى يتجاوز ما توصل إليه ابن سينا في الطب , بل لو قام طبيب الآن بتطبيق كتاب القانون في الطب لإبن سينا لعد ذلك جريمة مهنية في القانون الفيدرالي 
 وهذا ليس انتقاصاً من جهودهم النيرة في الإثراء المعرفي للإنسان ولكن كان ذلك في زمنهم وضمن قاعدتهم المعرفية . ولكي أقرب المسألة سأضرب مثالاً بسيطاً:
لو رأيت رجلا "قبل ثلاثين سنة فقط" يتحدث دون وجود شخص آخر بالغرفة لقلت عنه مجنونا !!! ولكن لو شاهد ذلك طفلك الآن لبحث عن سماعة الجوال الموصولة بأذنه لا سلكياً بتقنية البلوتوث التي لم يعرفنا الجيل السابق في بداية حياتهم.
 مثال آخر :
لو قال أحد قبل 100 عام فقط وهو بمصر أو بالشام أنني أعتمرت بمكة يوم أمس وكانت عمرة مريحة لذاع صيته بالكذب  واتهم بالجنون!!! وذلك لعدم وجود شئ أسمه "رحلات طيران" في ذلك الحين . ولكنك الآن وبكل بساطه وانت في مدينة الرياض تعد صديق لك في جدة أنك ستلتقي به بعد ساعة ونصف .. فلولا وجود تكنولوجيا الطيران والمؤسسات التي تدير تلك النظم التقنية المتطورة لكان ذلك ضربا من الخيال .
وعلى هذا .. لابد في أن نستقرئ كتاب الله ونتفكر و نطبق بمعطيات حاضرنا هذا لا أن نقوم بجر إحداثيات القرن السادس الميلادي (المقدس) الى زماننا هذا . فإن فعلنا ذلك, وقد فعلنا , فسنقوم بتشويه العصر بل سنعيش خارج الزمان والمكان.
بإختصار ... أن القاعدة المعرفية تتغير بإختلاف المراحل الزمنية للبشرية. و أن كتاب الله إن لم يخاطبنا الآن في زمننا هذا وبقاعدنا المعرفية الحالية لأصبح حفظه عبثا ... لذلك ... لزاما علينا أن نتيقن يقينا كاملا أن القرآن (كتاب محفوظ بنص ثابت و معنى متطور) لأنه  منجم يتفجر كنوزاً على مدى التاريخ.

هناك 4 تعليقات:

  1. بارك الله فيك

    بخاطري سؤال بخصوص النقاش ف تويتر، لأني مافهمت كيف ترفض السنة وتعتبرها موروث ثقافي لا يؤخذ منه شرع..؟

    احنا يا أخي العزيز لدينا دين اسمه الإسلام، أعني أن : رسالة الله للبشر التي بعث محمد ﷺ لتبليغها هي "الإسلام" وليست القرآن فقط!
    الله سبحانه وتعالى قال عن نبيه ﷺ (ماينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وأخبرنا بهذه الآية أن كلام وتصرفات النبي هي وحي آخر

    ألا نفهم من ذلك أن القرآن وحي وكلام الله المقدس.. والسنة وحي بكلام محمد ﷺ ؟

    نحن نتقرب إلى الله بتلاوة القرآن وحفظه وتدبره ونقرأوه في الصلوات لأنه كلام الله
    لكننا لانتلو الأحاديث في صلواتنا ولا نتعبد بتدبرها لأنها كلام النبي البشري الذي بُعث ليتمم مكارم الأخلاق وينقل لنا القرآن ويعلمنا ديننا

    السنة لا تتعارض مع القرآن ولا تنقص مكانته بل هي وحي آخر لا نتعبد به بل نفهمه ونقيس عليه أمور ديننا المتغيرة حسب الزمان والحال ..

    أنا أخبرك بما أفهمه وليس تقديسًا للبخاري وأهل الحديث ، بل لأني تساءلت منذ سنوااات عن هذا الأمر فاستوقفتني تلك الآية .. لذا زال الشك من قلبي والحمدلله

    لما رأيت نقاشك حاولت الربط فما استطعت، هل من الممكن أن توضح لي رفضك للأحاديث؟ ولم لا يكون القرآن والسنة هما مصدرا التشريع الأول لأنهما وحي من الله ؟

    أريد أن أفهم ياصديقي فاعذرني على إطالة الكلام :(

    ردحذف
  2. اتردد بين فترة واخرى على تغريداتك ومدونتك لارى ماهو جديد
    استفاد كثيرا من مواضيعك
    شكرا جزيلا

    ردحذف
  3. اجمل مافيك ياغرم الله انك تقرأ وتفهم وتلخص المواضيع بطريقة جميله ، وتستطيع التحاور والرد واللخذ ، ولا تقرأ لتنقل فقط ، وهذه ميزه انك لا تسلم بكل ماتقرأه وتختار المفيد ، اهنيك وياليت جميع من ينتهجو نهجك ان يحتذو بك ويفهمو مايقرأو ويسمحو لعقولهم باخذ مايقنعون به دون المحاربه على المعلومة التي يستنبطونها الى الامام . 👍

    ردحذف
  4. السلام عليكم يعطيك العافيه شعرت بأرتياح اثناء قرائتي للموضوع مودتي

    ردحذف