الأحد، 19 أبريل 2015

نحن من أساء إلى رسول الله !!


توالت تجاذبات عدة خلال العقدين الماضيين بين حرية الرأي والتعبير وحرمة إزدراء  الأديان ورموزه المقدسة. ولعل اخر تلك التجاذبات ما صدر من الصحيفة الفرنسية شارلي إيبدو من رسوم كاريكاتوريه تسيءللرسول وما تبعه من هجوم مسلح على الصحيفة.
وللانصاف فإن صحيفة شارلي إيبدو وبحكم توجهها اليساري لطالما وقفت مع الشعوب المقهورة ضد اليمين المتطرف العنصري في فرنسا وتحديدا مع العرب في وجه الظلم الاسرائيلي. وقد سبق للصحيفة الفرنسية أن تناولت بالسخرية ذاتها كل المعتقدات والأديان بما فيها اليهودية والمسيحية والبوذية ولم تجد رد فعل بتلك الطريقة.


 أيضاً سبق للصحيفة الفرنسية "شارلي ايبدو" أن خرجت لنا بكاركاتير يظهر فيه التطرف وهو ينحر الإسلام في صورة النبي الكريم وهي إشارة لقيام عصابات التطرف بنحر سماحة الدين. إن صحيفة شارلي ايبدو تتبع هذا الأسلوب ضمن حرية الرأي التي تسمح لها بالنقد على ألا تتجاوز القانون الفرنسي الذي يضمن للاعلام حرية لا نفقهها نحن


صحيح أن الصحيفة قد أساءت للنبي الكريم ولكن،، لنكن صادقين مع تراثنا الذي صاغته ادبيات الفكر التراثي لسلفنا الصالح ،، فكل تلك الرسومات التي أساءت للرسول لم تأت من فراغ بل كان مما افتراه المحدثون عن رسول الله وما كرره فقهاؤنا الافاضل عن الرسول الكريم (كارضاع الكبير وأنه كان يأتي زوجاته في ساعة من نهار أو ليلة فصوروه كبطل في الجنس وهناك كثير من اﻷمثلة حول ذلك)، بحيث سهلنا على الآخرين السخرية منه، فرسموه من خلال ذلك التراث وتلك الادبيات ولم يأت الغرب بجديد أو ما هو غريب عنا، فنحن من نقمع حريات الاخرين ونحن من نشهر سيوفنا بوجه من يخالفنا الرأي، ونحن من نقتل الناس في سبيل الجنة وحورياتها.


ان من يدعي أن الغرب يعامل المسلمين بعنصرية للأسف لم يكن منصفاً فنحن من نغذي الكراهية ضد الغير ومن يشرعن للاستبداد ويرسخ العنصرية العرقية والجنسية والمذهبية. فكانت ردة الفعل الارهابية نتيجة طبيعية للتعبئة المستمرة في كراهية الاخر من خلال منابر المساجد التي سُلمت للمتطرفين والذين مارسوا من خلالها ابشع مظاهر الاقصاء والعداء ونبذ الغير و كل ما هو جديد ومختلف.
أما كتاب الله فيقول (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ولم يقل لنا "اقتلوهم"!!
بل يذكر لنا في كتابه الكريم قول المستهزئين فيه تعالي بأنه فقير وأنه بخيل (تعالى عما يصفون علوا كبيرا) (لقد سمع الله قول الذين قالوا ان الله فقير ونحن اغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الانبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق) (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) نرى هنا ان الله يرد في كتابه الكريم عنه نفسه ولم يشرع قانونا ارضيا نطبقه نحن في حق المستهزئين بقتلهم او قمع حرياتهم وكأنه في ذكره لسخريتهم تسطيرا رائعا لحرية التعبير والتقليل من شأن تلك السخرية ، وأنه في رده تعالى توجيه رباني بالرد اللفظي سواء بسواء أو أن الله سيكفيناهم . كما نذكر أيضاً ان الله أورد في كتابه قول المشركين في رسوله الكريم (وقال الكافرون هذا ساحر كذاب) وقالوا: ( بل هو شاعر ) !! بل وصف الله تعالى في كتابه الكريم فِعل المشركين حال رؤيتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا ) .
أيضا نلاحظ هنا انه لم يكن التوجيه الرباني بالرد بعنف كما فعل الارهابيون بتحريض من دعاة العنف الشيطاني بل كان الله مواسياً لرسوله الكريم حيث أمره بالصبر وأن لا يحزن مهما بلغ مكرهم و أذاهم فقال تعالى : ( ولا تحزن عليهم ) ، ( ولا تكن في ضيق مما يمكرون ) ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ) . بل يكفينا في ذلك قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين) وان في ذلك رد مفحم لكل من يدعي وكالة إلهية من لدن الله ورسوله على الناس
لقد نسي هولاء الارهابيون أن رسول  الله الذي يدافعون عنه قد عفى عن أعدائه وهو في موقع القوة؟ وهم الان يردون بجريمة ابشع من السخرية ليقدموا للناس الانموذج الاسلامي في الرد على حرية الاخرين ولينفروهم من الاسلام الذي اصبح في نظر العالم دين شر وعداء وكراهية .
إن ما لا يفقهه هولاء الارهابيون أن الحرية من كتاب الله هي قدس الأقداس، بما فيها حرية الكلمة والرأي، والقضاء على الاستبداد بجميع أشكاله.
في الختام ..

لا نملك إلا أن نقدم واجب العزاء في سمعة ديننا الاسلامي الحنيف قبل أن نقدمه لأهالي ضحايا الجريدة الفرنسية

الفلسفة بدون فلسفة !!


بعد دراسة لأساسيات علم الفلسفة أحببت تقديم بعض المفاهيم الفلسفية ولكن بشكل مختصر ومبسط الغرض منه فهم الاشكالية بين الفلسفة والدين بالإضافة إلى التعريف ببعض المصطلحات المتداولة في الأوساط العلمية والفكرية.

الفلسفة هي كلمة دخلت اللغة العربية في عصر الترجمة وقد أشتقت من اللفظ اليوناني (فيلوسوفيا) ومعناها محبة الحكمة وعلى الرغم من هذا المعنى الأصلي، فإنه يبقى من الصعب جدا تحديد مدلول الفلسفة بدقة. وإجمالا، تنقسم الفلسفة إلى أفرع رئيسية هي: الإبيستمولوجي (Epistemology), المنطق (Logic)  , الأخلاقيات (Ethics), الجماليات (Aesthetics), والماورائيات (Metaphysics).  بالإضافة إلى تلك الفروع الرئيسية هنالك أفرع أخرى متخصصة كفلسفة العقل والقانون واللغة وفلسفة طبيعة الفلسفة أو ماوراء الفلسفة (Metaphilosophy). و لكن ما سنتحدث عنه  فقط الفروع الخمس الرئيسية والفروقات الهامة بينهما وكيف تطورت لتشكل أبرز ملامح تطور الفكر الإنساني.



نبدأ بالإبيستيمولوجي (Epistemology) وهى إحدى فروع الفلسفة وتسمى بنظرية المعرفة تهتم بطبيعة المعرفة وكيفية امتلاكها وقياسها. إحدى رؤي الفلسفة الإبيستيمولوجية هي النظرية التجريبية (Empiricism) وتؤمن بأن المعرفة لاتنشأ إلا من خلال برهان حسي ملموس. و تعتبر مسألة جيتير أفضل تقديم لنظرية المعرفة (Epistemology) لحل اشكالية ايجاد المعرفة (Knowledge) بين الحقيقة والايمان ( Truth and belief).

نسمع بالبراغماتية (Pragmatism) وهنا يجب ذكرها لأنها إتجاه فلسفي معاصر تنتمي للمدرسة التجريبية وتقوم على دعوى ان النظرية تستخرج من التطبيق فقط وأن المعيار الوحيد للحقيقة هو نجاح العمل لذلك يطلق عليها أيضا العَمَلانِيَّة أو فلسفة الذرائع.

بالنسبة لفروع الفلسفة الأخلاقية والجمالية (Ethics and Aesthetic) فلن نسهب فيها كثيرا لأنها تتحدث عن أمور مدركة و تتحكم بنا ولكنها غير ملموسة.  فالفلسفة الأخلاقية (Ethics) تتحدث عن وازع فطري في الإنسان يقودنا للتمييز بين الخير و الشر، والصواب والخطأ والفضيلة والرذيلة. أما الفلسفة الجمالية (Aesthetic) أو فلسفة المحاسن فتؤمن بوجود دافع لا حسي لدينا تجاه الجمال والفن والشعر و الموسيقى و الذوق والخلق الحسن.

تدرج الفكر الإنساني وفلسفته بعد ذلك إلى فلسفة المنطق (Logic) حتى وصلنا للفلسفة الابستيمولجية التي تؤمن بالبرهان الحسي التجريبي كما اسلفنا,  ولكن بقيت إشكالية الفلسفة في فرعها الميتافيزيقي (Metaphysics) أو(الماورائيات) الذي يفسر الوجود بطريقة غير ملموسة أو مقاسة!

ان الفلسفة الميتافيزيقية ( Metaphysics) فرع فلسفي قديم يهتم بتفسير الطبيعة الجوهرية للوجود ويتفرع من هذه الفلسفة علمين رئيسيين هما علم الكون وعلم الوجود (Cosmology & Ontology). ولكن هذه الفلسفة لاتملك جانب الاثبات البرهاني بالتالي دائما ما تصطدم أفكارها مع فلسفة المنطق والفلسفة الابستمولوجية القائمة على ركيزة البرهان الحسي والتجريبي.  لذا فقد رُفضت معظم أطروحاتها في وقتنا المعاصر لأنها لا تقوم على أساس علمي تجريبي أو تقدم برهانا حسياً.


تعتبر الفلسفة اللاهوتية ( Philosophical Theology) إحدى الفلسفات الميتافيزيقية والتي تحاول إعطاء تفسير لنشأة الوجود وماهيته ومئاله. لذلك قام العلماء اللاهوتيون (Theologists) بضرب الفلسفة واعتبارها فساداً فكرياً برغم الإدعاء أو الاتهام ان صح التعبير بأنها ولدت من رحم الفلسفةالفكرية!!.

إن علم اللاهوت دراسة تتعلق بوجود الإله ويحاول علماء الإلهيات بالجدال أن يحللوا "منطقياً بدون دليل حسي" وجود الإله. 

من جانب آخر، تقوم الفلسفة الدينية إجمالا على علمين رئيسيين, الأول علم التوحيد وهو الإيمان بوجود إله عظيم و خالق لهذا الوجود (Monotheism) , والعلم الثاني هو علم الشيطان (Demonology) وهو يؤمن بوجود أرواح شريرة محتجبة عن عيون البشر

وبشكل عام،
نلاحظ في فروع الفلسفة انتقالها من طور الهرطقة الميتافيزيقية إلى المنطق وصولاً إلى الفلسفة التجريبية القائمة على البرهان الحسي الملموس.

إ الفلسفة نشاط إنساني قديم جدا يتعلق بممارسة نظرية أو عملية عرفت في مختلف المجتمعات والثقافات البشرية منذ أقدم العصور. وهذا يشكِّل أحد المظاهر الأساسية للإنسان في ميله للتساؤل والتدقيق في كل شيء والبحث عن ماهيته ومختلف مظاهره وأهم قوانينه حتى في السؤال عن ماهية الفلسفة "ما الفلسفة؟" حيث يعد سؤالاً فلسفيّاً قابلاً لنقاش طويل.

لذلك قال الفلاسفة,, أن المادة الأساسية المغذية للفلسفة واسعة ومتشعبة ومتعددة المصادر وترتبط بكل أصناف العلوم وربما بكل جوانب الحياة وسلوكيات الإنسان وبالتالي ستبقى الفلسفة والصراع الفكري ما بقي الإنسان.

في أمان الله،

الإخوان المسلمين ... هل هم أخوان ؟


في أواخر 2010م،  وبعد أقل من عامين من انتخاب الرئيس الأمريكي أوباما بدأ "الخريف" العربي!!  ودبت (الفوضى الخلاقة) في كل مكان!! تلك الفوضى  التي اطاحت بأربع رؤساء عرب  دفعة واحدة حيث لعبت دوراً حيوياً في الأشهر الأولى الصاخبة من الربيع العربي. وبلورت عبر شبكة الجزيرة الإعلامية، سرديات الاحتجاجات البازغة في تونس وضرورة التدخّل الدولي في ليبيا لإنقاذ الشعب من بطش القذافي، ثم لاحقاً في مصر لإسقاط نظام حسني مبارك وفرض العزل الدبلوماسي على نظام بشار الأسد في سوريا.

في خضم تلك المرحلة العصيبة والمليئة بالانقسامات والصراعات والميولات المتضاربة والكثير من الغموض المريب، مُكِّن الإخوان المسلمين في تونس عبر حزب النهضة بعد فرار الرئيس بن علي إلى جدة!! فيما  قفز حزب الاخوان بقيادة محمد مرسي الى سدة الحكم في مصر . أما  في ليبيا، فلم يكن وصول الإخواني مصطفى عبد الجليل على رأس المجلس الوطني الانتقالي الليبي من سبيل الصدفة . كما لم يكن أيضا تشكيل  مجلس الائتلاف الوطني السوري المعارض من رموز الإخوان وعلى رأسهم الإخواني "غسان هيتو" صدفة أيضاً حيث فرض فرضًا من قطر والإخوان المسلمين ولم يحظ بإجماع أو تأييد أكثرية المكونات الأساسية للمعارضة السورية. ولكن بقيت الثورة في  اليمن استثناءا عن الأخوان القطريين بل وهبت لجماعة عبدالملك الحوثي كحصة إيران في هذه المخطط الى جانب مملكة البحرين التي اندلعت فيها الاحتجاجات الشعبية ذو الصبغة الطائفية حتى أضطر الملك حمد لإعلان حالة الطوارئ وفرض الأحكام العرفية في البلاد لثلاثة أشهر.

في خضم تلك الاحداث العظيمة والمتسارعة ـ أفاق السعوديون في مجابهة هذا المخطط الكبير بدعم يتيم من الإماراتين وتأييد "خجول" من دولة الكويت. وعندما نتحدث عن الحراك السعودية السياسي في تلك الفترة فهنا نتحدث تحديدا عن  "الدهاة الثلاثة" في الاسرة الحاكمة  وهم الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رحمه الله، وولي العهد في ذلك الوقت الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس الاستخبارات السعودية وسفيرها السابق لدى واشنطن بندر بن سلطان !!

عندما بدأت تتضح ملامح هذا المخطط وتلامس نتائجة الأرض لم تبدأ الرياض بالإخوان في الداخل السعودي ولو فعلت لكانت الخطيئة الكبرى التي لا تغتفر حيث كان من الممكن أن يشعل التدخل الأمني فتيل الفوضى في جسدها وسط تلك الأحداث والثورات التي تنهش الدولة تلو الأخرى.

ولكن تظهر هنا طباع رجل الصحراء في الحكمة والتريث، فتجاهلت السعودية إعلامياً الوضع الداخلي مع قليل من الضبط الأمني في بعض المناطق التي لم تشهد سوى بعض المظاهرات وغير المنظمة أو المترابطة أو حتى الموجهة لهدف واحد. ففي  يناير من عام 2011 تظاهر المئات في مدينة جدة إحتجاجاً على سوء البنية التحتية التي أدت إلى سيول جدة ، فيما خرجت  مظاهرة في فبراير من نفس العام تظاهرت فيها أكثر من 40 إمرأة من أهالي و ذوي المعتقلين السياسيين و الموقوفين الأمنيين بقضايا الإرهاب أمام مقر وزارة الداخلية ، عقبها تظاهر أكثر من 300 شخص في قرية العوامية شرق البلاد للمطالبة بالإفراج عن أشخاص مسجونون على خلفية تفجير أبراج الخبر عام 1996م ، ثم تبعها مظاهرتي "جمعة الحشد" و"ثورة حنين" والتي استغل الإخوان المسلمين فيها بعض قضايا المجتمع السعودي كالفقر، والبطالة، وبريقراطية القضاء في محاكمة متهمي الإرهاب.

بالرغم من ذلك كان أول تحرك سياسي حقيقي في هذا الاتجاه كان من خلال الموافقة على طلب حكومة مملكة البحرين للإستعانة بقوات درع الجزيرة وإرسال لواء مكون من 2000 مقاتل لإخلاء مناطق الاعتصام من المظاهرات وإعادة المستشفى الرئيس ومرافق أخرى لسلطة الدولة.


في فبراير 2012م ، انسحب الوفد السعودي برئاسة سعود الفيصل من مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس بعد ان اتضحت نوايا  مجلس الائتلاف الوطني السوري المعارض والمعني بتشكيل الحكومة المؤقتة  حيث هيمنت رموز اخوانية على التشكيل وعُين  الإخواني  "غسان هيتو" رئيساً للحكومة في مارس 2013م. وفي نفس العام من شهر يوليو دعمت الإدارة السعودية انقلاب الجيش المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي على حكومة الإخوان المسلمين بعد سلسلة مظاهرات معارضة طالبت بتنحي مرسي عن السلطة.

هنا .. أصبح الوقت مواتياً لكي تقوم السعودية بتصفية حساباتها مع جماعة الإخوان في الداخل السعودي، فأعلنت في مارس من عام 2014 م عن قرار تاريخي بإدراج جماعة الإخوان المسلمون ضمن المنظمات الإرهابية المحظورة داخل المملكة!! و أعتبره تاريخياً لأن الدولة احتضنت هذه الجماعة منذ الستينات  الميلادية وبذكاء الاندماج الذي اتبعته الجماعة وتخليها عن شعارها الحزبي (وأعدوا) توغلت في نسيج المجتمع  السعودي بشعار (الصحوة الإسلامية) الذي يحمل قيمة دينية مستساغة لدى المؤسسة الدينية ولا يوحي  أيضاً بأي سياق سياسي قد يقلق السلطات السعودية. فأصبح من شبه المستحيل اجتثاث هذا التنظيم وقد تغلغل في جسد المجتمع السعودي حتى "النخاع"!!

لقد أصبح لهذه الجماعة سطوتها في الداخل السعودي وهيمنت على  جهاز التعليم والمنابر ومؤسسات التنشئة والعمل الخيري. ونتيجة لهذا العمل المؤسسي المنظم خلال أربعة عقود لم يجد تنظيم الاخوان صعوبة من اختراق الأوساط الأكاديمية والشرعية والإقتصادية وتكوين طبقة من الكتاب والمثقفين واحتضان رؤوس الاموال لعباءتها "السيادينية". ولكن إلى أي مدى نجحت الجماعة بالتوغل في الداخل السعودي؟ ومن هم رموز هذا التنظيم ؟

تداولت بعض الحسابات المعادية لأمن الوطن في مواقع التواصل الاجتماعي قائمة "إدعت تسربها" لأفراد "متهمين" بتورطهم في الانتماء للجماعة!! قد تبدوا القائمة للوهلة الأولى مجرد "أسماء" ولكن العارف بالأوساط الاجتماعية ورموزها يدرك ان القائمة تحمل في طياتها أسماء بارزة ومعروفة لمشائخ وأكاديميين وتربويين ومثقفين بل يوجد فيهم رجال أعمال كبار وأعضاء في مجلس الشورى!!
ولكن لماذا التسريب في هذا التوقيت بالذات (قبيل رحيل الملك عبدالله يرحمه الله)؟!
أم كان التسريب مقصوداً بالرغم من حساسة التوقيت ووجود أسماء له ثقل إجتماعي وثقافي واقتصادي كضربة استباقية لفضح هذا وفق معادلة "علي وعلى أعدائي"!!! لا نعلم !! ولكن المؤكد أن الأيام ستبدي ما كنا له جاهلين.

السبت، 11 أبريل 2015

:: كواليس لقاء دبلوماسي سعودي ::

كتبت في بيتي الدافئ وسط برد الغربة القارص
بعد يوم طويل ... ممل و رتيب ..
انتقلت فيه بين هذه الشعبة وتلك ..
وبين اقتضابة وجه هذا المحاضر .. ورتابة الآخر ..

وصلت ولله الحمد لمنزلي سالما معافا من بطش تلك الباصات والشاحنات التي هيمنت على الشارع الأردني بشكل مستبد !!
وأصبحت جزءً  لا يتجزء من حياته اليومية !!
إستلقيت على فراشي بعد أن أصابتني الكبسة بحالة أشبه بالإغماء أو فقدان الذاكرة المؤقت وذلك لعلي أدرك شيئا من قيلولة ما بعد الظهيرة ، ولكن بتوقيت هذا البلد الشتوي أصبح ذلك في عداد الأمنيات ..
وقبل أن يداهمني صوت المؤذن لصلاة المغرب داهمني اتصال أحد الأخوه يذكرني فيه بلقاء طلبة الجامعة مع سعادة الملحق السعودي الجديد!!
فقلت
الحمد لله . . . .
لقد تذكروا أن لهم أبناء بالخارج !
(لكن وش المناسبة ؟؟) قلت له .
قال :( الله عوضنا في العويضة خير العوض ) .
كانت جملته هذه رائعة ...
ففي الحقيقة لقد عمر الدكتور سلطان العويضة بما فيه الكفاية
فبالرغم من اجتهاداته إلا أن الرجل قدم كل ما لديه
أو بالأحرى لم يعد لديه ما يقدمه .
وهذا هو حال الدنيا ..
فلكل زمان رجال ..
(ولكن من هو خير العوض هذا ؟ ) سألت ...
فرد علي بشئ من الحماسة و كثير من العنصرية القبلية: ( غطك الله في وجهك.. ذيه بن بردي ياخه ما عرفته )!!
وأكمل مسترسلا معرفا بإبن قبيلته "الدكتور علي بردي الزهراني" الذي شغل العديد من المناصب في جامعة أم القرى كان اخرها رئيسا لقسم الإدارة التربوية و التخطيط وقبلها عميدا لشؤون الطلاب وشارك في العديد من المؤتمرات كما كان مستشارا لمعالي وزير التربية السابق الدكتور محمد الرشيد وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوارة ) ....

لكن الحدث الآن ليس تعيين الدكتور الزهراني ملحقا ثقافيا إنما الحدث الآن هو مجيئه إلينا بجامعة العلوم و التكنولوجيا ...
كان حدثا يعني لي ولغيري الكثير ... فهي فرصة جيدة أن تتعرف بهذا الرجل الذي يعتبر المستشار الثقافي والسفير الأكاديمي لخادم الحرمين الشريفين ومن خلال هذا اللقاء تستطيع أن تتنبأ بمستقبل الملحقية الثقافية وبكل ما هو مناط بها من مهام و أعمال .

حل يوم اللقاء ..
المكان :
مدرج الكرامة بمبنى رئاسة الجامعة ..
الزمان :
الحادية عشر قبل الظهر من يوم الخميس 16تشرين الثاني ..
توقعت مدرجا أكبر من هذا !!
كيف لا وعدد الطلبة السعوديون بالجامعة يبلغ أكثر من 750 طالب وطالب !!!
ولكن ..
ما إن دخلت القاعة التي تتسع لـ250شخصا حتى تمنيت أن يمتلئ المدرج .. على الأقل .. لحفظ ماء الوجه.
على كلٍ ...
لم تتحقق أمنيتي كاملة وحضر عدد لا بأس به ..
أختار الأخوات الطالبات المقاعد الخلفية التي بالمنتصف ..
وانتشر بقية الشباب في المقاعد الأخرى..
لم يدم انتظارنا كثيرا حتى أتى ملحقنا الجديد .
جلس الرجل أمامنا ..
أربعيني
متوسط الطول
قمحي اللون
كثيف الشارب
بشوش
غير مقترن الحاجبين (وهذا ينم عن رجل اجتماعي الى حد ما)
وعلى يمينه ...
الرجل المحبوب والخلوق
الرجل الصبور وصاحب القلب الكبير
الخبير الثقافي و رجل الملحقية الأول
الأستاذ رمضان بخش
وعلى شماله ..
الأستاذ مهنا الرجل المالي للملحقية
(أبو الفلوس كما أحب الملحق أن يسميه ).

بدأ اللقاء بكلمة ترحيبية من مساعد عميد الجامعة وكانت على عجل ليترك الأب مع أبناءه "البرره الكرام"  ...
تحدث سعادة الملحق الثقافي ...
وبدى رجلاً صادقاً  متحمساً و راغباً في التغيير ..
ولعل من أبرز ما قال هو إعترافه الجرئ بالقصور و السلبيات الموجوده بالملحقية ..
وبعد ذلك ترك المجال لأسئلة الطلبة ...
وبغض النظر عن ماهية الأسئلة فلن أتناولها بطبيعة الحال ولكنني أنظر بمنظار شمولي للنواحي النفسية و الثقافية والإجتماعية والدينية التي صاغت لنا هذا الجيل بتناقضاته المتعددة ..
فبعد أن يحشد الواحد منهم كل ما يستطيع من جرأة وشجاعة ليقف أمام الجمهور في مدة لا تزيد عن دقيقة واحده فقط ليسأل سؤالاً واحداً ....
إلا إنه ما إن يُعطى المايكروفون حتى تتبخر الحروف و الكلمات وتتعرقل المعاني في الجمل وتتطور الحالة حتى تصبح الرجفة أبرز معالمها وإحمرار الوجه أكبر دلالاتها ..
ولي في ذلك وقفة بسيطة ..
فمن أكثر الاشياء التي تصيبك بالضيق حين يقف امامك شاب ويعجز في التعبير عن نفسه..
ليس وانت تعنفه ..  ولكن حين يعبر عن ذاته .. والاصعب حين يعجز الشاب السعودي عن معرفة المشاكل التي يعاني منها جيله..؟؟
نعم ..حين يصل شاب إلى الثامنة عشرة من العمر إلى هذا الحال، فلابد ان نعرف يقينا ان مؤسسات التنشئة بأكملها ضعيفة في اداء أدوارها مع الناشئة ..
نعم .. الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام كأهم المؤسسات المسؤولة عن تنشئة ابنائنا جميعها بشكل أو بآخر ..
نعم .. هي مسؤولة عن هذا الواقع المؤسف بكل المقاييس..؟
وحين أقول الشاب السعودي فأنا أعنيه بجنسيه الذكر والإنثى ، والحديث هنا عن الأنثى السعودية يزيدني  أسفاً.. تلك التي أكلت العادات والتقاليد و الأعراف منها وشربت !! لا أريد هنا ان اعتقد انهن شخصيات بلا رائحة أو طعم أو نكهة أو لون..؟؟ ولكن اتساءل كيف وصلت إلى هذا المستوى من الغياب والتغيب عن كل شيء لا يعرفن ما يدور في مجتمعهن ولا يعرفن كيف يقيمن شخصياتهن !! لا يملكن القدرة على الاعتزاز بشيء أو رفض شيء وان كان عيباً فيهن..؟؟
وفي الغالب هي ليست الملامة هنا ، فهي لا تملك حرية الإختيار .. لأنها مستعمرة  (العيب و الحرام) ...!!

نعود لحفلنا ...
الذي يسأل هذا بإلحاح !!
و آخر بشيء من التنمق الممجوج !!
وذاك يطرح سؤاله بإستفزاز غير مبرر !!
وتلك بشيء من الاستخفاف !!
ناهيك عن الإختلاف الكبير في اللهجات ...
ولكم أن تتخيلوا كيف لشخص أن يتحمل هذا السيل الهائل من الأسئله ..!! فدعوت (اللهم كن في عون ملحقنا الجديد).
إلا أن صدره قد اتسع لهذا كله !! بالإضافة إلى  روحه العالية ودماثة خلقه و خفة ظله التي تجلت بوضوح من خلال هذا اللقاء.. والأعجب ذلك التمكن الرائع في السيطره على هذا الجمهور الشاب . وانتم تعلمون ما يمثله هذا السن من اندفاع وتهور في احيان كثيرة ...

وأخيرا ...
تحققت أمنيتي ولله الحمد ...
فقد انتهى اللقاء على خير !
ووفق الدكتور الزهراني في إدارة هذا اللقاء ..
غادر القاعة تاركا فينا أنموذجاً للرجل المسؤول ..الرجل الحان على أبناءه ..
كلنا في الحقيقة نتمنى نجاحه .. لأن في نجاحه نجاح للجميع ..وإنهاء لمعاناة كل الطلبة السعوديين بالأردن ..

في أمان الله.


كتبه / 
أبلد الطلبة السعوديين في ريف إربد !!
العاشر من حزيران عام 2009 بعد الميلاد

الى هيئة المنكر .. بلا تحية ...

بعد طول غياب..
وفي هذا المكان أعود من جديد..
لأتنفس معكم بعضاً من حريتي الفكرية  التي سلبت بين حرام الدين و ممنوع الدولة
وفي الحقيقة لم أجد في أرشيف ذاكرتي المتهالك ما أكتبه سوى ما دار بيني وبين أحد الأخوة في الجامعة حيث ذكر أن يهوديين أستفزا جماعة من المسلمين فنزل قوله تعالى: "كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .." والرجل هنا يتغنى طربا بهذه الأية لأن القدر وحسن الطالع ولدته أمة في خير أمة أخرجت للناس ..!!
ومع الفعل "كنتم" يفترض أننا كنا خير أمة في الماضي، ولكن لنتفق جدلاً أنها تُستخدم في الأزلية فيصبح مفعول الآية قائماً إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله .
وعلى اعتبار أزلية المفهوم لهذه الآية يصبح لزاماً علينا عدم إيقاف الآية على فهم قاصر لها فنفهم مثلاً أن المنكر في زمننا هذا يبدأ بالواسطة المسكوت عنها في كل مفاصل المؤسسات الحكومية ويصل إلى ذروته متمثلا في الفساد المالي والإداري !! كذلك  المنكر أن يتحرش سافل بإمرأة دون أن يكون هنالك قانون يردعه في "بلاد الإسلام" التي  يفترض بها أن تحمي المرأة  من جرائم الإبتزاز والإغتصاب  والعنف الأسري!!



لكن السؤال هنا ....
على أي أساس نحن خير أمة أخرجت للناس؟

بنظرة سريعة في خيريتنا المدعاة نرى أن صورتنا بين الأمم ناصعة إلى حد الإعجاز خصوصاً في مجال حقوق الانسان والحريات الفردية ومنح المواطن حق التعبير وحرية الإختيار وهذا سيتحقق عنوة ولو بتزوير الحقائق وتكذيب الوقائع لأننا بالمحصلة ننتظر الجزاء العادل في جنة الأمم المتحدة.

ولكن ما هي تلك المنكرات الذي يتحتم على الهيئة إنكارها؟
وهل الهيئة معنية فقط بمنكر  الضعيف فيما تتغاضى عن منكر الشريف ليعيث في الارض فسادا دون أن يحرك ذلك "غيرة" أشاوس الهيئة؟
وهل الهيئة معنية فقط ببعض المنكرات وترك البعض الآخر يصطدم عند حارس باب ذلك القصر أو سكرتير مكتب ذلك الوزير؟
أليس الربا منكر أيضاً و أعظم حرمة من الإختلاط الذي تنكرونه ليل نهار لشبهة الزنا فقط ؟
أوليس أدنى الربا أن ينكح الرجل أمه عند أستار الكعبة!!! 
أليس المنكر أيضاً أن يتحول رجل فاسد إلى الواجهة "فجأةً" فيصبح مديراً عاماً أو وزيراً مثلاً.
أوليس المنكر أن لا تجد في المدن شوارع نظيفة و أرصفة تخلو من فوهات الموت المفاجئ!!
أليس المنكر أن لا تجد حياة في الحياة !! وأن ترى الموت يكثر في الأزقة والطرقات وفي الدور من مرض القهر والسحق والفساد!!

إن المنكر يا "هيئة المنكر" أن تجد البلاد كتلة هامدة كالمقابر الجماعية  يهيم على اجداثها اناس صرعى من سكرة الخوف والجهل وكأنهم مبعوثون ليوم عظيم.
إن المنكر  يا "هيئة المنكر" أن يصبح الماضي أجمل من الحاضر وأن لا يكون هناك مستقبل أصلاً..
إن المنكر  يا "هيئة المنكر" ان تصبح الواسطة هي ما نستعين بها لقضاء حوائجنا..
إن المنكر ان تغرق أمة كاملة في مستنقع الطائفية يلعن بعضها بعضاً بلسان عربي واحد.. وهم جميعاً يؤمنون برب واحد ونبي واحد وكتاب واحد!! 
إن المنكر أننا لا نرى المنكر إلا في غيرنا ولا نراه في أنفسنا لأننا نعتقد يقيننا أننا شعب الله المختار!!
وتبقى الحقيقة المؤلمة ..  أنكم لستم إلا هيئة المنكر
وما نحن إلا أسوأ أمة أخرجت للناس ..