الجمعة، 10 أبريل 2015

مأســــــــاة وطــــــــــن !!

بين شواطيء وطننا الدافئةو  صحاريه الشاسعه و جباله المغروسة في كبد السماء ..تجدك بين مجتمعات وثقافات عده ..ومذاهب وطوائف مختلفة ..القاسم المشترك بينهم جميعا ذلك المكان الذي يتقاسمون العيش فيه والمسمى اصطلاحا "بالوطن" .ولكن من الأسى أن تجد غالبية هذا المجتمع بألوان طيفه المختلفه وتعدده الثقافي والمذهبي على نسق فكري واحد !! وذا ترنيمة وديباجة واحده يرددها السواد الأعظم ممن تجده أمامك  .إن ما نعاني منه حقاً في مجتمعنا السعودي هو عدم إقرارنا بالتعددية الفكرية في مجتمع ذو أصول ومذاهب متعددة  ..مع أن التنوع الفكري بين المجتمعات قانون إلهي  عبر عنه  الخطاب القرآني بقانون التدافع فلولا دفع الله الناس "بعضهم ببعض" وليس "بعضهم على بعض" بحرية رأيهم وفكرهم وتوجهاتهم لفسدت الأرض !!حيث يقول تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) وفي آية أخرى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ) .ولكن في حين يجبر الناس على اعتناق مذهب ما  والايمان به قصرا وإقصاء أي فكرة أخرى وبالتالي رفض الحوار مع الآخر تتولد لدينا مشكلة بل كارثة للعقل الانساني وهي فقدانه الإتصال بالعقول البشرية من حوله  ، وأول ما يكون ذلك في إقفال السمع إما طواعية ً أو كرها ً ، ويعلم  الجميع أن السمع الذي هو المصدر الأساسي للمعلومات الوارده للدماغ بدليل تقديمها على الجوارح الأخرى في الخطاب القرآني كقوله تعالى :"هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة".
"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا"
"وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير"
فبدء بالسمع أولا ثم البصر و الأفئدة !! أضف الى ذلك أن علماء الأجنة الآن يؤكدون على أن أول ما يتكون في الجنين جهاز السمع حيث يبدأ فى الظهور آخر الأسبوع الثالث من عمر الجنين و منها تتطور الأذن الداخلية للجنين  ، أما البصر فيظهر فى أول الأسبوع الرابع من حياة الجنين و منها أيضا تتكون العين بعد ذلك  (ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون)ولذا نلاحظ تقديم  السمع عن البصر  في ايات القرآن ليس عبثا .. وتتضح أهمية السمع على البصر عندما نقارن شخصان إحداهما فاقد للسمع و آخر فاقد للبصر !! فنرى الفارق كبير بينهما في التحصيل العلمي .لذا .. فأن إقفال السمع "وفقدان الحوار مع الآخر" كمصدر من مصادر التعلم بداعي الإستئثار بالحقيقة هي من الجرائم التي يجنيها الإنسان فيها على عقله .. وإلا لماذا أثنى المولى عز وجل على الذين يستمعون القول في آية التعريف بأولي الألباب في قوله تعالى (فبشر عبادِ .. الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .. أولئك اللذين هداهم الله وأولئك أولى الألباب ) .. سبحان الله .. هل مجرد الإستماع للقول  مهم لهذه الدرجة التي أثنى المولى عز وجل فيها عليهم !!ومن هذا المنطلق أتسائل ...
من ذا الذي وكـّـل نفسه "نقيباً" علينا حتى يرشدنا عن ما نسمعه وما لا نسمعه ؟؟فربنا الخالق وهب لنا السمع لنسمع ما نشاء وليس لأحد الصلاحية أن ينصب نفسه وكيل لله ويمنعنا أو يحدد لنا ما نسمعه بآذاننا وما يجب أن نراه بأعيننا ..
فالله وحده هو الهادي "أولئك اللذين هداهم الله " ..
وحتى رسول الله محمد لا يستطيع أن يهدي من يشاء (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين)ولم يكن بالأصل مطلوبا منه عليه الصلاة والسلام هدايتهم (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء)إنما هو رسول مبلغ رسالة ربه لعباده (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) وإن  أعرضوا ؟ (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا ان عليك إلا البلاغ)
لماذا ؟  (فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر)لذا فإن  الحرية الفكرية وتنوعها في بلدنا مطلب أساسي لنهضتها ..
وليس لأحد سيطرة على ذلك لا رجال دين ولا غيرهم ..
و سيلد تلقائيا من رحم هذا التنوع الفكر ي"الحوار" كنتيجة طبيعية ..
وستتغير نظرتنا  للنقد كأساس بناء وتصحيح ..
حينها سنعلم ما الفرق بين  النقد الموضوعي و النقد الشخصي ..
 ولنا في كتاب الله منهاجاً ...
فلم يخاطب المولى عز وجل عيناُ بذاته .. أنما نلاحظ الخطاب للصفات كــالمنافقين والمؤمنين والكافرون ...الخ ، كما نلاحظ ذلك جلياً في النقد بالسرد القصصي من كتاب الله..
إذا ً... أليس هذا هو النقد الموضوعي ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق