الجمعة، 10 أبريل 2015

حواديت لويسية

تحية لكم أحبتي من وسط هذا البرد الكانوني القارس الذي يجعل من السماء كرنفالاً مجنوناً، ومن الأرض ورقة خريفية صفراء في مهب الريح ..
تحية لكم من أزقة اربد الريفية، وشوارعها المصابة بالرشح والزكام ..


من هذه المدينة التي تستلقي على بساط مخملي أخضر في غالب شهور السنة وكأني بها تبتسم عنوة ً لأهلها الذين ارتسمت على وجوههم علامات بؤس شاحبه وتكشيرة أردنية متجهمة .. وهذا مع أسفنا .. ما تكتشفه أنت سريعا عندما تحل عليهم ضيفا !! فتعتقد للوهلة الأول ان مكوسا قد ضربت على كل من يتبسم في وجه الدنيا.
أرض الأردن أرض من لا مهجر له ..

فكل نقمة تصيب من جاورها تصبح الخيار الأول له ..

"بالزمنات" كما يقال .. أتى إلى هنا أهل المقدس الأبية لاجئون من بطش بني إسرائيل عليهم..

ولحق بهم بعد زمن ليس ببعيد ، أبناء دجلة والفرات ..

فاختلط المهاجرون وشاركوا أهل البلد "على مضض"  ما تبقى من فتات العيش ..

فما إن تحل مصيبة في السماء أو كارثة في الأرض حتى تراهم يذيقون بعضهم بعضا صنوف اللوم والسباب كئوسا .. و تبصر كل أمة تلعن أختها بلسان عربي واحد !!

ليل الأردن .. ليل دامس في ظلمته .. موحش بطبيعته .. ولكن الحق يقال أن ليل عمّان بالذات أصبح عراقي بامتياز، إذ تملؤه مواويل بغداد الأسيرة، وقطائف الحزن العراقي المعتّق ، وما بين هذا وذاك صنوف المن والسلوى من كل قطر عربي.

نصف العاصمة الأردنية ينام باكراً، بينما نصفها الآخر يظل في غيبوبة صحوه الى ما بعد طلوع الفجر.
ونصف العاصمة الأردنية يرفل في حرائر الملبوسات الفارهة بينما يظل النصف الآخر مشرداً في آماله الهرمة وينام من وطأة الضرائب الفاجرة على حصيرة رمادية مغبرّة تحت خط الفقر الأسود.. وللأسف .. يستيقظ هاذا النصف التعيس على الخط ذاته، ويخشى تمام الخشية أن يفقد هذا الخط الذي تبقى له من الدنيا.
فمن يوقظ بادية الشام صباحاً غير أبواق عربات الأجرة الصفراء و حافلات النقل الممتلئة بالأجساد ..
ومن يغني لها وقد إهترت آذانها بأهازيج النفاق الوطنية التي أضحت جرعة إلزامية مع كل صباح ...
ومن يغزل لها قصائد العشق القبانية ، ومواويل الغرام الغزالية وقد ارتسمت على وجهها تجاعيد الزمان و تضاريس المكان ..

ومن يحاذي هوادج عرائس الحلم في البلاد البعيدة .. أم ترانا شربنا ماء الوهم .. فظننا أننا نذود عن بقايا الحكايات ما بعد الخراب..

فآآآه من وجع القلب عندما تسكن في الأوطان غربان الفساد ..

أقف كثيرا على شواطئ فكري وأجزم أن حال هذا البلد لا يختلف عن أي بلد عربي تعيس آخر ..

فحيثما تولي وجهك ..

فثم القهر

والفساد ..


واستعباد العباد ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق