الجمعة، 10 أبريل 2015

"شارلي شابلن" والمجتمع السعودي !!


بخلاف المجتمعات الإنسانية في العالم يتميز مجتمعنا السعودي  بأنه يحسن ارتداء أقنعة "المثالية الإجتماعية" ليصبح أبعد ما يكون عن شخصيته الحقيقية والتي يفترض أن تنبع من استقلالية الفرد في التعاطي مع الآخر وتنوع وجهات النظر. لذلك تجدنا في الاماكن العامة والمجالس الرسمية نُسخ مستنسخة بلا نكهة او طعم او لون!! صامتون دون وعي منا أو إلمام بحال مجتمعنا المتردي و ثقافة العرف والتقليد . نُضحك المجتمعات الاخرى على حالنا ودون شعور منا، فأصبحنا نبدع في اداء المشاهد الكوميدية الصامتة أكثر من "شارلي شابلن" نفسه !!
نترنم طربا ..
ارفع راسك انت سعودي
دون أن نعي مشكاتنا أو أن نؤمن بأوجه القصور فينا !! في وقت نرى دولة مثل ماليزيا تتباهى بتصنيع أول سيارة من انتاجها نناقش نحن "قيادة المرأة" !!
ونغني بصفاقة ..

ارفع راسك انت سعودي!!
في الوقت الـذي تتسابق الدول فيه لحصد براءات الإختراع العلمي تترنح جامعاتنا في ذيل التصنيف العالمي للجامعات !!
ونترنم ارفع راسك انت سعودي!!
في حين تعقد المؤتمرات العالمية و الندوات العلمية في أنحاء العالم نعقد نحن "الأمسيات الشعرية" و "الشيلات" حتى أصبح نصفنا شعراءً !! و النصف الآخر مُلـهـِمات !!
و ارفع راسك انت سعودي!!
في حين يشاهد العالم أجمل ألومبياد لآسيا بدولة صغيرة "جغرافيا" مثل قطر نتابع نحن ما حدث في كلية اليمامة من قيام (عرابجة) المطاوعة بإيقاف مسرحية (وسطي بلا وسطية) والتعدي على طاقمها المسرحي !!
ونغني ارفع راسك انت سعودي!!


أنها أمثلة فقط وليست معايير ولو أخذنا بالمعايير لكانت الطامة الكبرى .
إن حب الوطن والحرص أن يكون في مصاف الدول المتقدمة يتطلب منا أولاً الإعتراف بمكامن الخلل حتى وان كان "يحتمي" وراء ظهر واحد من "عِلية القوم" ..
لذلك..
سنبدأ معكم من حيث ولدنا {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} ومن حيث نسكن ثانيا ...{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}.. من الأم .. من الأخت .. من الزوجة .. من الإبنة .. من "المرأة" .. سمها ما شئت فستجدها أمامك إينما إرتحلت ..
ولكن ... من ينظر لوضع المرأة في مجتمعنا بعـمق وحـيادية .. يجد أنها لا تتـساوى مع الرجل اطلاقا .. لا"شرعا" و لا "عرفا"..! بل 
أنـها فى النسق الثانى المختبئ دومًا والمتخفي وراء الستار !! فما إن تجوب عيناك طرقاتنا و تتغلغل داخل أسوار المجتمع الملئ بالقيود لتتلمس خشونة ذلك المكان .. فلا وجود للمرأة إطلاقا !!
وحين أقول "وجود " أعنيها تماما .. فحراك المجتمع كله "ذكوري" . القاضي رجل و المحامي كذلك و الوزير والغفير والسائق والبائع (حتى من يبيع ملابس النساء الداخلية) !! فتتكشف لك حقيقة ذلك التغييب القصري للمرأة .. وستحدها بالمحصلة كائن مسلوب الحقوق .. مُهمَّش .. مستعبد و مستبعد عن القضايا الأساسية في المجتمع بالرغم من كل أساليب التلميع والتخريجات والتبريرات التى يتبناها السادة الفقهاء !! 

والحقيقة التى يتوجب علينا ذكرها وبكل جرأة أن دعاة المسلمين على اختلاف مستوياتهم قد نجحوا بزرع عقدة النقص والدونية فى المرأة !! لدرجة أنها أصبحت تدخل فى جيناتها الوراثية !! فنجحوا في إقناعها بأن ذلك "النقص" هو "ميزة" تتمتع بها الأنثى "المسلمة " دون غيرها من نساء الأرض!! كيف لا وهي "الدرة المصونه" !!
حتى جعلوها مُنَظِّرَة لإحتقار الذات والدونية "بملء إرادتها" !! فتجد المعلِّمة والمهندسة والطبيبة وعالمة الذرّة تقر بأن الرجل أفضل منها وأن له القوامة عليها وإن كان يفتقر إلى الحد الأدنى من العلم والثقافة؟!
ولسان حالها يردد قول الشاعرة سعاد الصباح 
لا تنتقد خجلى الشديد فإننى *** درويشة جدًا وأنت خبير
خذنى بكل بساطتى وطفولتى *** أنا لم أزل أحبو وأنت كبير

يا واضع التاريخ تحت سريره *** يا أيها المتشاوف المغرور
يا ثابت الأعصاب إنك ثابت  *** وأنا على ذاتى أدور وأدور
الأرض تحتى دائما محروقة  *** والأرض تحتك مخمل وحرير
فرق كبير بيننا يا سيدى  ***  فأنا محافظة وأنت جسور
وأنا مقيدة وأنت تطير  ***  وأنا محجبة وأنت بصير
فرق كبير بيننا يا سيدى  ***  فأنا الحضارة والطغاة ذكور

إن من المعضلات توضيح الواضحات .. ومن المؤسف أن يكون الوأد قدر المرأة الأبدي .. فقد كانت توأد جسدا والآن توأد هويةً و فكراً .. وما حادثة منع النساء من الصلاة داخل "صحن الطواف " في المسجد الحرام عنا ببعيد ..
فكم أشعر بالإسى عندما تثار قضية في مجتمعنا طرفها امرأة ..

لأنها ستكون بلا حول لها ولا قوة!!  فالمطالب بحقها رجل  والمعطي رجل والمانع رجل !!
و لا أعلم مبرروا واحدا ليجعلوا المرأة عائقا تصطدم به كل محاولات التقدم والتطور ؟


كلمة أخيرة أهمسها في أذنك أنت أيتها المرأة :
عليكِ أن تطالبى بحقكِ الذى وهبكِ إياه المولى -عز وجل- واغتصبه منك أصحاب الفكر الذكورى .. واعلمي أن صاحب الحق هو الأولى بانتزاع حقه .. تذكري أن الأم التى تعشق رضيعها قد تسهو عنه وتنساه إذا لم يشعرها هو بحاجاته من خلال بكائه وصراخه ! وبالطبع، لا أعتقد أن الطفل أفضل منك حالاً في المطالبة بحقه!!



لويس بن غرم الله

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _كتبه العبد الفقير الي رضوان ربه في العشرين من شهر كانون الاول في ألفين و ستة أعوام خلن من ميلاد اليسوع عليه وعلى أمه السلام 

هناك تعليقان (2):