الأربعاء، 6 أبريل 2016

البحث عن مستحاثة حصة !!


قبل أيام معدودات، حضرت أنا و ثلة من صحبي الكرام حفل تخرج الرفيقة (حصة) التي حصلت على درجة الماجستير. وكانت بدورها تختال فرحاً  بذلك التكريم "الرفيع المستوى".   وفي واقع الأمر لم  تكن فرحتها تلك لحصولها على الدرجة العلمية  لأنها استحقتها "منذ مبطي" ، فتاريخها المهني  وثقافتها العلمية الزاخرة تشهد لها بذلك . ولكن في ظني (وبعض الظن  اثم) أن فرحة الرفيقة حصة  لا تكمن فقط في "خلاصها"  من ذلك العبء الأكاديمي ولكن في كونها  تخرجت من بلاد تكرم العلم وأهله وتدفع بسواعد الوطن الفتية الى معترك النضال المشرف في ليلة استشرفت المستقبل وتجلت في حفل تخريج  بدى مثل كرنفالٍ ربيعيٍ بهيج، افترش السعادة واغتسل بدموع  الفرح.



لقد أدرك هؤلاء جيدا منزلة العلم والعلماء  وتعدى فهمهم لها ما اختزلناه نحن في علماء الثيولوجيا وعلم الكهنوت والماورائيات .  لقد قَدَروا الشباب حق قدرهم، حين علموا أن الشبيبة  هي الثروة الحقيقية للبلاد و"الهبة الديموغرافية" للأوطان فأنزلوهم  خير منزلة تليق بهم وبهذه الليلة .

كما أن هولاء "الكفار" لم يفرقوا بين ذكر وأنثى !!
واقول حسرةً وليس تشفيا، أنالمرأة أصبحت  لديهم  نداً للرجل.. لها ما له .. وعليها ما عليه ..
ليست بناقصة عقل أو دين  ..
ولم تخلق يوماً من ضلع أعوج..
لأنهم وببساطة تجاوزوا هذه المفاهيم التي مازلت تقبع في رؤوسنا فقط لأنها "معلومة من الدين بالضرورة" !!!

ولزميلتنا "حصة" أن تتخيل لو أنها تخرجت من جامعة  الملك فلان او الامير علان أو الإمام  الصالح زعطان آل معطان (هكذا هم يسمون مقدرات الوطن) لكانت قد منحت "ورقة صفراء فاقع لونها تسوء الناظرين"  و يُقال لها اذهبي حتى نبعثك من الأجداث تارة أخرى .. !!
فتمر السنين ..
وتتزوج حصة  ..
وتنجب مئات الابناء ..
فيما ينقرض خريجات ..
ويتحجر اخريات  ..
و يُودع البعض الآخر في "مصحات" ..
مصحات نفسية بالتأكيد نتيجة للوضع الطوباوي الذي تقبع فيه المراة في مملكة الإنسانية ..
وبعد سنين عجاف (إن نجحوا في اكتشاف واستخراج ما تبقى من المستحاثات المتحجرة للخريجات) ..
 تُدعى لحفل بائس كئيب ..
 يجاهدون فيه لإحياء فرحة من اجداثها !!
وذكريات دفنت في أرشيف الزمان وبين تجاعيد المكان !!
إلى حفل قد امتلأ بأعجاز نخل خاوية..
ترى القوم صرعى !!
سكارى وما هم بسكارى !!
 لا موسيقى .. لأنها حرام !!
لا فرح .. لأنه يخدش الحياء !!
لا ضحك .. لأنه يميت القلب !!
فيقبل بعضهم الى بعض يتساءلون ..
أهذا حفل تخريج ام مراسم تأبين!!
لعمري أنها مراسم تأبين ..
فقد كانت توأد في الجاهلية جسدا ..
و الآن توأد هوية وفكرا ..

في الختام ..
ستدعى الى صورة تذكارية..
بنقاب جاء به "التراث اللعين" ..
لتلتقط صورة جماعية ..  لأعين !!
تنظر من خلال ثقوب تخنق هوية كل حرة!!
حينها ..
ابحثوا أنتم عما تبقى ..
من مستحاثة "حصة" !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق