تطرق كتاب الله لأمور كثيرة في شؤوننا اليومية ونالت المرأة نصيبها من تلك التشريعات والحجاب تحديداً لا ينفصل عن مجمل ذلك التشريع، لقد سعى الوحي القرآني الى تغيير واقع الإنسان في الجزيرة
العربية عند نزوله والانتقال بها الى وضع افضل وفق المستجدات التي تطرأ على الحياة الاجتماعية مراعياً بذلك الإرث المعرفي للمجتمعات الإنسانية وما يتفق مع كل مجتمع وخصوصيته الثقافية.
ولكن ,, في العقود الثلاثة الاخيرة ظهر لنا في بعض المجتمعات العربية حجاباً يسمونه حجاباً اسلامياً!!. فنجد بعض النساء يغطين اجسادهن بجلباب ووجوههن بحجاب وايديهن بقفاز و ارجلهن بجراب!! فتظهر المرأه في المحصله كتلة بشرية مغطاة بالاقمشة!!
والعجيب ما درجت عليه نسوة في اتخاذ اللون الأسود شعار للحجاب والذي لم ينزل الله به من سلطان !! بل ولم نجده في عاداتنا وتقاليدنا !! فنساء قبائل الحجاز و عسير والمناطق الشمالية لم يرتدين هذا السواد إطلاقاً .. لقد أظهرت كثير من وثائق المستشرقين والمدعمة بالصور بالإضافة الى ما تم توثيقه بداية العهد السعودي أن المرأة في الجزيرة العربية وتحديدا نساء المجتمعات القروية والحضرية لم يكن يرتدين ما يعرف الآن بالحجاب أو العباءة السوداء ولم يكن غطاء الوجه متعارفا عليه بإستثناء قبائل البادية اللاتي كن يرتدين البرقع كعادة اجتماعية وسنأتي على ذلك بالتفصيل .
لذلك وجدنا ضرورة عرض الحجاب الحالي على كتاب الله وسنرى هل ذكر حجاب المرأة الأسود بغطاء الوجه والذي يجبر الفقهاء عليه نساؤنا ؟
لقد تعرض القرآن للباس المرأة في آيات ثلاث فقط وبثلاثة مفردات هي ( حجاب ,
جلباب , خمار) :
الآية الاولى تتحدث عن الحجاب }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ
إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ
إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا
مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ
فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ
لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا
أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ
اللَّهِ عَظِيمًا{
والخطاب هنا موجه بالكامل للمؤمنين في عهد رسول الله وتشمل 1) الإستئذان
في دخول بيوت النبي 2) أداب الدعوة الى
الطعام 3) عدم دخول الزوار لأماكن وجود نساء النبي في البيوت بحجة طلب متاع بل
يكون من وراء حجاب أو ستار 4) حرمة زواج المؤمنين منهن بعد موت رسول الله لأنهن بمثابة أمهاتهن. وهنا لا توجد أي اشارة
لا تلميحاً ولا تصريحاً الي نساء المؤمنين
عامة ناهيك عن مخاطبتها لنسائنا في وقتنا الحاضر.
الآية الثانية هي آية الجلباب } يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل
لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ
أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا{ والخطاب
هنا موجه لأزواج النبي وبناته و نساء المؤمنين بأن "يدنين" عليهن من "جلابيبهن"
و الإدناء من الدنو (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) وهو الاقتراب مع ترك مسافة دون
الإلتصاق به وذلك لكي يعرفن أنهن محتشمات فلا يؤذين من قبل أحد والعبرة أنه على النساء أن يرتدين ما يدفع عنهن
الضرر الاجتماعي.
فالجلباب مفردة أصلها فعل “جلب” وهذا الفعل في معاجم اللغة له أصلان
أحدهما (الجلب) أي الاتيان بالشيء من موضع إلى موضع، والآخر جالب الشيء الشيئ أي
غشاه وغطاه ، فالجلبة هي القشرة أو الدم المتخثر الذي يغطي الجرح ليحميه, ومن هنا جاء الجلباب أي اللباس الخارجي للحماية من البرد أو من الإبتذال
الإجتماعي.
والجلباب ليست تشريعاً مطلقاً بل
خيار وقتي ومتغير يجب أن يتفق مع تغير الظروف الطبيعية والظواهر الإجتماعية. لذلك
قال تعالى يدنين (من) جلابيبهن وحرف الجر
“من” للتقريب باستعمال “الإدناء” في حال وجد السبب الذي يؤدي الى الأيذاء.
وبما أن هذه الآية للتعليم لا للتشريع فعلى المرأة المؤمنة تعليماً
لا تشريعاً أن تغطي من جسدها الأجزاء التي إذا ظهرت سببت لها الأذى.
الآية الثالثة تتعلق بالخمار والزينة وهي موجهة لعموم المؤمنات } وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ
مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ
أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا
يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{
وتنص الاية على التعليمات التالية: (غض البصر, حفظ الفرج, عدم اظهار
الزينة إلا ما ظهر منها, أن يضربن بالخمار على الجيوب , ثم استثناءات ابداء
الزينة -المحارم-, وأخيرا عدم ضرب الأرجل لإبداء الزينة).
ويتضح من المفردة المستخدمة (ولَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) أن هناك أمر مخفي بطبيعته ولا يجب ابداءه حيث أن الإبداء يكون لشيء مخفي أصلاً وليس ظاهر . لذلك قال تعالى (إِلَّا مَا ظَهَرَ
مِنْهَا ) أي أن هناك أيضاً زينة ظاهرة بشكل
طبيعي مثل الوجه واليدين وهي “ما ظهر” من الزينة بالخلق. علماً أن الخمار هو غطاء
الرأس لنساء ورجال شبه الجزيرة العربية في القرن السادس الميلادي. وهو لباس يتبع
العادات والتقاليد . بالتالي فالآية في بدايتها تتحدث عن إبداء الزينة لمن
هم من خارج دائرة محارم المرأة ، ومثل هذا الأمر يحدث إن كانت المرأة خارج البيت
أو كان في بيتها أناس من خارج دائرة المحارم.
لذلك نقول أن هناك ثلاثة أنواع من الزينة (زينة خلقية ظاهرة و زينة
خلقية باطنة و زينة مضافة) :
ونفند مفهومنا من خلال للآية على النحو التالي:
1. على المرأة أن لا تبدي الزينة المضافة ( كأن
تتزين بأدوات الزينة والتجميل) إلا الزينة الخلقية الظاهرة من الوجه كالأعين
والأنف والشفاة وذلك لأن اخفاء الزينة الخلقية الظاهرة كالوجه واليدين سيعيق حتماً
أهم حواس الإنسان (البصر, الشم, السمع, التذوق) .
2. تستطيع المرأة أبداء الزينة الخلقية الظاهرة + الزينة المضافة (الماكياج
والحلي وغيرها) أمام محارمها.
3. ذكرت الزينة الخلقية المخفية في آخر الآية وهي (الصدر والنهدين والفرج والإليتين وما حول ذلك) في اخر الآية (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) ومن البديهي وفي كل المجتمعات أن
تكون هذه الزينة للزوج فقط وقد تنكشف زينتها الداخلية بلا قصد منها إذا ضربت في الأرض أي عملت في مهنة شاقة أو سفر على نحو قوله تعالى ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن
تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاةِ) , (للْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ ) , (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ) , (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ
كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ
غُزًّى ), (إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ
الْمَوْتِ ) لذلك نهى المرأة من الأعمال الشاقة التي تتطلب مشقة بدنية فتنكشف زينتها الداخلية.
نأتي لقوله تعالى (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ
جُيُوبِهِنَّ) , والخمر هو التغطية واستعير اللفظ
لتقريب المفهوم العام للخمرة التي قد تغطي العقل بشربها. ولذلك يطلق على العمامة
في اللغة (خمار الرجل) وقال الحافظ في "الفتح" (8/490):
" والخِمار للمرأة كالعِمامة للرَّجل
".لذا , فالخمار غطاء يغطي الرأس و الجيب دون الوجه, والجيب هنا
هو الصدر لذا قال رسول الله في نهي النياحة على الميت (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب
).وكانت عادة جاهلية يقوم بها النساء والرجال في النياحة على الميت أو للإعتذار والندم لجرم أو فعل مشهود.
نعود لسياق الآية , ونفهم من السياق السابق أن الله يأمر بغطاء الرأس والصدر بإستثناء
الزينة (الخلقية) الظاهرة بالضرورة.
أما الآيات الأخرى في السلوك والتى درج الفقهاء والمتزمتون في عصر
الغفلة على ترديدها مثل الخضوع في القول, وان يقرن النساء في البيوت وانا لا يتبرجن
فهذه كلها وصايا لنساء النبي فقط حيث تبدأ التعليمات في الأية 28 من سورة الأحزاب بقوله تعالى :
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ
وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ) بالتالي لم
يذكر فيها نساء المؤمنين كما في الآيات التي ذكرت سابقاً ويؤكد ذلك الآية التي
تليها حيث يوجه الخطاب مجددا لنساء النبي فقط دون الإشارة لنساء المؤمنين ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ
مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرًا)
وذلك لأن هذه التعليمات أو الوصايا هي وقتيه والمقصود منها لنساء
النبي فقط حيث أنهن يختلفن عن غيرهن ويؤكد هذا القول الآية التي تليها ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ ) ثم تأتي التعليمات الخاصة
تباعاً (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا
مَّعْرُوفًا) (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )
نرى أن الله لم يأمر بتغطية الوجه بقماش أسود كما نرى اليوم وإنما
هناك آيات تشريعية فيها آداب أمرت النساء
أن يتأدبن بها لذلك بدأت الآية بقوله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن. و بالتالي لم يأت القرآن بجديد في حجاب المرأة (غطاء الرأس/Veil ) عن الملل السماوية
الأخرى ولا حتى عن الثقافات القديمة فغطاء
الرأس في الملة اليهودية والنصراية يلاحظ في الدور والكنائس
وبشكل بارز الى يومنا
هذا . كما ان لغطاء الرأس تاريخ قديم عند الآشوريين المعتقدات القديمة كالفراعنة والآشوريين بل فرضت عقوبات
عند الآشوريون ضد النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب . (المصدر :A Short History of Veiling up to the 16th Century)
لذا فقد وجد غطاء الرأس عند كثير من الشعوب القديمة كالإغريق والرومان وبأشكال
متنوعة ولم يقتصر لبسها على الدافع الديني بل كان ضمن الإرث الثقافي للشعوب. (المصدر: Headcovering Customs of the Ancient World ).
أما غطاء الوجه (النقاب والبرقع واللثام) فقد وجد أيضاً قبل الإسلام وتشهد بذلك
الأثار والقصائد التي كتبت فيه قبل الإسلام (الجاهلي) , فقال فارس العرب أيام الجاهلية عنترة بن شداد العبسي:
جفون العذارى من خلال البراقع *** أحد
من البيض الحداد القواطع
أما توبة بن الحمير فقد قال في عشيقته ليلى :
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
*** فقد رابني منها الغداة سفورها
لقد كان إرتداء المرأة للبرقع عادة اجتماعية ولم ترتبط بالعباءة
السوداء وكان إلتزامها بارتداء البرقع يتجاوز مفهوم الستر بل أن في بعض القبائل
البدوية (من شمال افريقيا للشرق الأوسط الى وسط آسيا)
ترتديه المرأة حتى في بيتها ومع زوجها !!
ومن الطبيعي ان هذا المفهوم يتفاوت بين الثقافات في العالم فهناك من
يرتدي اللثام بين الرجال كقبائل البربر (الأمازيغ أو الطوارق)
ولأن غطاء الوجه يعتبر إلغاء لهوية المرأة فقد أتى الإسلام بالصرف عن
هذه الظاهرة الإجتماعية وليس العكس . لذلك
بدأ بالشعائر التعبدية وجعل تغطية الوجه والكفية تبطل الفرائض فلا تقبل صلاة ولا حج ولا عمرة اذا تغطت المرأة
. ولكن المفهوم عكس تماما عند من يتبنى ثقافة تغطية الوجه من البدو . والمتبصر
بعين الباحث يلاحظ في مواقع عدة بالسير والأحاديث النبوية عدم تغطية النساء !!
فمثلاً نلاحظ الحديث التالي الذي أورده البخاري في كتابه مايلي:
صحيح البخاري , حديث رقم (5|2300 #5874) : حدثنا أبو اليمان أخبرنا
شعيب عن الزهري قال أخبرني سليمان بن يسار أخبرني عبد الله بن عباس قال: أردف رسول الله الفضل
بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته. وكان الفضل رجلاً وضيئاً. فوقف النبي للناس يفتيهم، وأقبلت
امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها. فالتفت النبي –والفضل ينظر إليها– فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر
إليها. فقالت: «يا رسول الله. إن فريضة الله في الحج على عباده، أدركت أبي شيخاً
كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟». قال: «نعم» انتهى . نلاحظ هنا في حجة الوداع لم ينكر الرسول عليها كشف وجهها رغم انها لم تبدأ بالنسك
بعد لأنها أتت تستفتي في الحج عن أبيها.
وهذا ينطبق تماماً على مفهوم الصرف عن الرق الذي كان مستشرٍ في ذلك
الوقت ولأن التغيير يجب أنه يأخذ طابق التدريج والمرحلية لذلك شرع الله كفارة
خطايا المسلم في عتق الرقبة أو إطعام المسكين حتى تنقرض هذه الظاهرة ولكن عوضا عن
ذلك أخذ المسلمون باسم الجهاد في الإعداء على الدول المجاورة بإسم الفتوحات
الإسلامية و قتلوا الرجال وسبوا النساء بالرفم ان القرآن كان واضحاً أنه في قضية
أسرى الحروب (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ
أَوْزَارَهَا) أي إما (المن) أي إطلاق السراح بدون
قيد او شرط أو (الفداء) أي يفُـتدى بالاسير المحارب اسير مسلم عند العدو المعتدي
(تبادل أسرى) بالتالي لا سبي ولا سبايا في الإسلام !!
بالتالي فإن الحجاب ليس فريضة تعبدية كما يدعي الفقهاء وانما هو زي اجتماعي له تقاليده الخاصة في كل
مجتمع فأصبح لكل مجتمع حجابه الخاص بالمرأة وفق تأثيرات اجتماعية , ديموغرافية و
سياسية . ان اشكال الحجاب التي انتشر في أيامنا هذه لا علاقة لها بالخطاب
القرآني ومنهجه، لان ذلك الخطاب لا يمكن ان يكون عرضة لتقلب الأهواء وتجليات
الايديولوجيات التي تتغير مع تغير التركيبه الاجتماعي والوعي الثقافي . ولعل اخطر
ما في هذه التغييرات التي طرأت على الحجاب أمران. الامر الاول انه اقحام فوقي على
تراث واعراف المجتمعات. والسعي لاستبدالها او الغائها قسرا. وكأنما تلك الاعراف
وذلك التراث لم يقم على اساس ولا يمثل ارثاً اجتماعيا عريقا وصل الى ما يناسبه من زي اجتماعي. فالاقحام
القسري والغاء الماضي بالقوة يضر بالمجتمعات. إن الاصول الحضارية لكل مجتمع هي
الاساس التي يقوم عليها تطوره واستشرافه للمستقبل. ولكن الهوس الديني الذي يقوم
على غسيل الأدمغة لا يرى الا شيئا واحدا هو الصحيح وما عدا ذلك هو الخطأ بل الكفر!!
ويجب مجابهته بالردع والعنف!! لانه يعيش في حالة غياب للوعي.
أمر آخر , ان تلك الانواع من الأحجبة والستائر فيها تقليد أعمى
لمجتمعات اخرى ، دون التبصر الكافي بظروف وواقع كل مجتمع على حده ، فالمجتمع
البدوي يختلف تماما عن المجتمعات القروية والحضرية والمدنية ,, ولكن مع تبني
الدولة قصراً لأيدولوجية معينه أنتج لنا أفعالا بإسم الله ورسوله و أفرز هوساً
دينياً لا صلة له بوعي العصر ولا بالخطاب القرآني ورحابه الشارع الحكيم ويبقى
حصانة الدين والفكر والأخلاق والتعامل هي ما يميز المرأة هو ما اختزله اله في قوله «ولباس
التقوى ذلك خير» فهو ما نحتاجه لا أقمشة تلغي هويتهن.
دمتم في رضوان الله
المراجع/
1. القرآن الكريم
2.(نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي، محمد شحرور ، دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، 2
3. الكتاب الخطاب الحجاب ، أدونيس، دار الآداب للطباعة والنشر 2009
4. الحجاب في التاريخ ، أيوب أبو دية، دار الفارابي 2012
5. A Short History of Veiling up to the 16th Century, David and Sue Richardson
URL: http://www.karakalpak.com/kiymeshek04.html#t
6. Headcovering Customs of the Ancient World An Illustrated Survey, by Michael Marlowe
URL: http://www.bible-researcher.com/headcoverings3.html